الخميس، 29 يونيو 2023

خاطرة في رحاب الثورات العربية. بقلم العميد د. عبدالناصر فرزات

                                      خاطرة في رحاب الثورات العربية

 

    العميد د. عبدالناصر فرزات

 

 ليست الغاية التجريح أو الإساءة بل الوصول الى الوعي والحقيقة وتحرير الشعوب للوصول الى الحقيقة وحرية المواطن. "شعب ضحى من أجل الحرية هو أهل ان يستحقها"

 

ان المتتبع لسياسات الأنظمة العربية يُلاحظ انها تتناقض كلياً مع الواقع، بل وتُعاكس تماما تطلعات الجماهير العربية وغير العربية التي تستوطن المنطقة، وتقوم بدور وظيفي دنيء ضد شعوبها لإرضاء الخارج والأجندة المفروضة عليهم. والغريب أن إلزامية هذا الدور تنبع من الداخل ومن العباءة الردئية التي لبسوها لتنفيذ دور وظيفي لخدمة الخارج على حساب الداخل منذ استقلال هذه البلدان من المستعمر، ولولا تٱمر وتخاذل هذه القيادات ما استطاعت القوى الخارجية تنفيذ خططها واستعباد شعوبنا. وهنا نقول إن الدول العربية قد رحلت عنها القوات المحتلة الأجنبية، ولكن هذه القوى عملياً ثبتت عملاءها وزبانيتها لاستعمار من نوع جديد سياسي واقتصادي وعسكري وأخلاقي وتشويه ديني، وبقيت هذه الدول والشعوب مسلوبة القرار وفاقدة للحرية والعدالة وحقوق الإنسان في العيش والمواطنة في ظل هذه الحكومات المفروضة على الشعوب.   

وفي ظل هذا الضغط الخارجي والداخلي على المواطن والمتمثل بالقمع والاعتقال وسلب الحريات وكبت الفكر الحر والإبداع، ظهرت الثورات العربيىة رداً طبيعياً للوصول الى العدالة وبناء دولة المواطنة لشعوب المنطقة والوصول بهذه الدول الى مصاف الدول المتطورة واعتماد الأسس الأخلاقية أساسا لبنائها وتقدم شعوبها بعيداً عن الأخلاقيات الغربية التي تناقض الفطرة الإنسانية الطبيعية الرشيدة.

لكن سرعان ما لاقت هذه الثورات أسوأ انواع القمع والقتل والتشريد والتهجير من الداخل قبل الخارج، حيث تلاقت مصالح المحتل مع مصالح هذه الأنظمة الوظيفية ضد حرية الشعوب وكبت الأفكار ونمو هذه البلاد وتطورها؛ إذ استخدمت مختلف أساليب القمع والاضطهاد واستخدمت مختلف أنواع الأسلحة للقضاء على الأحرار والمعارضين بغض النظر عن وظيفة هذه الأسلحة، الواجب تخصيصها لحماية المواطن والحدود، والتي تم امتلاكها من اقتصاد الوطن وعلى حساب المواطن من أجل حمايته.

لقد قطعت الأنظمة العربية كافة الخيوط التي تصلها بالشعوب وفقدت كافة عناصر القوة التي تستمدها من المواطن والوطن، بسبب تبعيتها للأجندة وتنفيذ الإملاءات الخارجية ضد حرية الإنسان الحر وكرامته.

إن حكومةً وشعبًا لا يأكل ويلبس مما ينتج ويتسلح مما يصنع لن يحقق التطور والتقدم، وإن نظاما حاكما يستمد قوته من الخارج سيبقى ضعيفاً وتابعاً وسيبقى عدواً للشعب الثائر من أجل الحرية والكرامة، ويستحق السحق والإعدام. 

لقد أدركت شعوب المنطقة خطورة المرحلة ودور الطبقة الحاكمة في استعباد الشعوب وأدلجتها وتبعيتها ونهب ثرواتها وإبعادها عن الفكر المتحرر والنهوض بالدولة الى مصاف الدول المتطورة، هذه الشعوب لن تستسلم للظلم، ولن تركع إلا لله حتى تحقيق حريتها وأهدافها ومطالبها العادلة. لقد عرفت شعوب المنطقة أن خيارهم الوحيد أن يتابعوا ثورتهم بعيداً عن الأنظمة الإقليمية والعربية الوظيفية معتمدين على الذات والكفاءات الوطنية.

نحن اليوم في زمن غابت فيه العدالة الدولية وسيطرت القوة اللاأخلاقية، وحتى تكون مهاباً في هذا العالم لا بد أن تكون قوياً قادراً على فرض إرادتك وقرارك على الساحة الدولية والمحلية. من أجل ذلك لا بد من إسقاط كافة الخلافات واستثمار كافة الجهود والطاقات والمهارات العلمية والقيادية، وبناء الإنسان وضمان حرية المواطن وفكره، والالتفاف حول قيادة حكيمة واعية قادرة على النهوض بالوطن والخروج من الأزمات. والتخلص من الحكام والجلادين المأجورين.

--------------------------------

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Ads Inside Post

المتواجدون حاليا